على حافة الأمواج، هناك مدن تتنفس بصوت البحر. يسمع سكانها أنفاسه كل صباح، فيغدو الإيقاع الأزرق جزءًا من يومهم، وتغدو المراكب قصائد تُكتب بالماء. تلك المدن لا تحتاج إلى منبّه لتستيقظ، فالموج هو من يعلن البداية، والنسيم هو من يُغلق النهار بهدوء.
البيوت المطلة على الساحل تعرف الأسرار التي يهمس بها البحر، وأحيانًا يكتبها الملح على الجدران فيغدو الأثر حكاية. الأطفال يكبرون على طعم الملوحة في الهواء، والبحارة يعودون محمّلين بروايات لا تنتهي عن الغياب والانتظار.
وحين يهبّ المساء، يختلط ضوء القمر بصفاء الموج، فتبدو المدينة كأنها مرآة للعالم السفلي من الجمال. المدن التي تُصغي إلى البحر لا تعرف الوحدة، لأن الموج لا يصمت أبدًا، بل يواصل الحكاية نيابةً عن كل من رحل.