البحر ليس مجرد ماءٍ مالحٍ يمتدّ بلا نهاية، بل ذاكرةٌ هائلة تخفي أكثر مما تُظهر. كم من سرٍ أُلقي فيه ظنًّا أنه سيغرق، فإذا به يعيش في أعماقه إلى الأبد؟

كل موجةٍ تحمل شيئًا من حكايةٍ قديمة: رسالةٌ لم تُقرأ، دمعةٌ ذابت مع المدّ، أو وعدٌ تركه صاحبه على الشاطئ ورحل. البحر لا ينسى، لكنه لا يبوح، يحتفظ بكل الأسرار في صمته الأزرق العميق.

وربما لهذا السبب نذهب إليه حين نريد أن نتحدث دون أن يُجيبنا أحد، لأنه الوحيد الذي يسمع ولا يحكم، يأخذ الألم ويعيد لنا السكون.